خطبة الجمعة القادمة : فضائل العشر ومفهوم العمل الصالح ، للدكتور محمد حرز
خطبة الجمعة القادمة بعنوان : فضائل العشر ومفهوم العمل الصالح ، للدكتور محمد حرز ، بتاريخ 28 ذو القعدة 1442هـ ، الموافق 9 يوليو 2021م.
عناصر خطبة الجمعة القادمة 9 يوليو 2021م بعنوان : فضائل العشر ومفهوم العمل الصالح ، للدكتور محمد حرز:
أولاً: أعظم أيام الدنيا على الأبواب.
ثانيًا: كيف اغتنم هذه الأيام المباركات ؟
ثالثًا: العمل الصالح شعار الموحدين .
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 9 يوليو 2021م بعنوان : فضائل العشر ومفهوم العمل الصالح : كما يلي:
خطبة الجمعة القادمة بعنوان: فضائل العشر ومفهوم العمل الصالح د.محمد حرز بتاريخ: 28 ذو القعدة 1442هــ – 9يوليو2021م
الحمد لله القائلِ في محكم التنزيل﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا ﴾الكهف 30 الحمد لله الذي فضَّلَ عشرَ ذي الحِجَّةِ على سائرِ الأيامِ، وجَعَلَها موسمًا لعِتقِ الرِّقابِ ومغفرةِ الذنوبِ والآثامِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه أول بلا ابتداء وآخر بلا انتهاء الوتر الصَّمَدُ الذي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ وَأشهد أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ كما وَرَسُولُهُ القائل في حديث أبي هريرة رضى الله عنه 🙁 ما أَهَلَّ مُهِلٌّ قطُّ إلَّا بُشِّرَ ، ولا كَبَّرَ مُكَبِّرٌ قطُّ إلَّا بُشِّرَ ، قيل : بالجنةِ ؟ قال : نَعَمْ) (رواه الطبراني بسند صحيح) فاللهم صل وسلم وزد وبارك على النبي المختار خير من صلى وصام وتاب وأناب ووقف بالمشعر وطاف بالبيت الحرام وعلى آله وصحبه الأطهار وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.
أما بعد …..فأوصيكم ونفسي أيها الأخيار بتقوى العزيز الغفار { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } (أل عمران :102)
ثم أما بعد : (فضائل العشر ومفهوم العمل الصالح )عنوان وزارتنا وعنوان خطبتنا
عناصر اللقاء :
أولاً: أعظم أيام الدنيا على الأبواب.
ثانيًا: كيف اغتنم هذه الأيام المباركات ؟
ثالثًا: العمل الصالح شعار الموحدين .
أيها السادة : ما أحوجنا إلي أن يكون حديثنا عن فضل العشر الأوائل من ذي الحجة وخاصة ونحن على أعتاب هذه الأيام فكن على أهبة الاستعداد لها لتسعد في الدنيا والأخرة.
أولاً: أعظم أيام الدنيا على الأبواب.
أيها السادة: إن من فضل الله علينا وكرمه وجوده أن جعل لعباده الصالحين مواسم للطاعات يضاعف فيها الحسنات ويغفر فيها السيئات ويرفع بها الدرجات ويستكثرون فيها من الخيرات, ويتداركون فيها ما فات، نفحات من نفحات ربكم يتنافسوا فيها المتنافسون ,ويتسابق إليها المتسابقون، ويستغفر فيها المذنبون, ويندم فيها المفرطون, ويتوب الله على من تاب, من هذه النفحات أيها الأخيار عشر ذي الحجة نفحة ,ويوم عرفة نفحة, ويوم الجمعة نفحة, وثلث الليل الأخير نفحة وبين الأذان والإقامة نفحة ولحظة سجودك بين يدي ربك نفحة ألا تعرضوا لها فقال صلَّى الله عليه وسلَّم: ((إِنَّ لِرَبِّكُمْ عزَّ وجلَّ فِي أَيَّامِ دَهْرِكُمْ نَفَحَاتٍ، فَتَعَرَّضُوا لَهَا، لَعَلَّ أَحَدَكُمْ أَنْ تُصِيبَهُ مِنْهَا نَفْحَةٌ لا يَشْقَى بَعْدَهَا أبدًا)) رواه الطبراني فالسعيد كما قال ابن رجب “فالسعيد من اغتنم مواسم الشهور والأيام والساعات، وتقرّب فيها إلى مولاه بما فيها من وظائف الطاعات، فعسى أن تُصيبه نفحةٌ من تلك النفحات، فيَسعدَ بها سعادةً يأمنُ بعدها من النار وما فيها من اللفحات” ويقول ابن القيم: ((السنة شجرة ,والشهور فروعها, والأيام أغصانها ,والساعات أوراقها, والأنفاس ثمارها، فمن كانت أنفاسه في طاعة فثمرته ثمرة طيبة، ومن كانت أنفاسه في معصية فثمرته حنظل)). فأي أنوع الثمار تريد أن تحصد يا مسكين ؟!!!
أيها السادة: العشر من ذي الحجة أعظم أيام الدنيا على الإطلاق وكيف لا والله جل وعلا أقسم بها في قرآنه ولا يقسم الله إلا بكل عظيم قال ربنا:)وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ)(الفجر:1-2]؛ قال ابن عباس: الليالي: هي العشر الأوائل من ذي الحجة, وهي الأيام المعلومات التي قال عنها ربنا 🙁 وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ) [الحج:27] قال ابن عباس: ( أيام العشر ) فالعشر من ذي الحجة أفضل أيام الدنيا على الإطلاق وكيف لا ونبينا صلى الله عليه وسلم قال كما في حديث ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ـ عَنْ النَّبِيِّ e أَنَّهُ قَالَ : ” مَا الْعَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنْهَا فِي هَذِه ِ ” قَالُوا : وَلَا الْجِهَادُ ، قَالَ : “وَلَا الْجِهَادُ إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ ” رواه البخاري فهي أَفْضَلُ أَيَّامِ الْعَامِ عَلَى الْإِطْلَاقِ؛ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيها)أَفْضَلُ أَيَّامِ الدُّنْيَا أَيَّامُ الْعَشْرِ( وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “أَفْضَلُ أَيَّامِ الدُّنْيَا الْعَشْرُ– يَعْنِي: عَشْرَ ذِي الْحِجَّةِ- قِيلَ: وَلَا مِثْلُهُنَّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: وَلَا مِثْلُهُنَّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إِلَّا رَجُلٌ عَفَّرَ وَجْهَهُ فِي التُّرَابِ)) رواه البزار وابن حبان وصححه الألباني.
فالعشر من ذي الحجة أعظم أيام الدهر وكيف لا ولما سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أيهما أفضل العشر الأوائل من ذي الحجة أم العشر الأواخر من رمضان؟؟؟ فقال: أيام عشر ذي الحجة أفضل من أيام العشر الأواخر من رمضان؛ لأن فيها يوم عرفة، وليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل من ليالي العشر من ذي الحجة؛ لأن فيها ليلة القدر.
العشر من ذي الحجة أعظم أيام العام وكيف لا وفيها يوم عرفة : وما أدراك ما عرفة ؟إنه اليوم الذي أكمل الله فيه الدين، وأتم به علينا النعمة، وهو اليوم المشهود ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)) المائدة:3.ويوم عرفة يوم مغفرة الذنوب، ويوم العتق من النيران، ولو لم يكن في عشر ذي الحجة إلا يوم عرفة لكفاها ذلك فضلاً وشرفًا وهو أكثر يوم يعتق الله في الرقاب من النار ويقبل الله فيه الدعوات ويباهي بأهل عرفة ملائكته كما قال نبينا صلى الله عليه وسلم , وفيها يوم النحر وهو يوم الحج الأكبر أفضل أيام السنة فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُرْطٍ tعَنِ النَّبِىِّ rقَالَ: « إِنَّ أَعْظَمَ الأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَوْمُ النَّحْرِ ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ »رواه أبو داود والنسائي
والسر في فضل هذه الأيام كما قال ابن حجر أنها تجتمع فيها أمهات العبادات، فلا يجتمع الحج مع الصلاة إلا في هذه الأيام، ولا تجتمع الزكاة مع الحج إلا في هذه الأيام، ولا يجتمع الصوم مع الحج إلا في هذه الأيام. فهذه الأيام والليالي.. معدودة محدودة.. ساعات قليلة.. الأجر فيها مضاعف.. والإثم فيها مضاعف.. العمل الصالح فيها يحبه الله أكثر من العمل الصالح في غيرها.. هذه الأيام من أيام الله.. يحبها الله…. أفلا تستحق أن تكون كلها لله؟!فلنجعل هذه الأيام كاملة لله تعالى.. لله وحده.. يجب أن لا نرتكب فيها أية معصية فالمعصية محرمة في العشر وفي غيرها.. لكنها فيها إثمها مضاعف.. فالبدار البدار باغتنامها قبل فوات الأوان.
ثانيًا: كيف اغتنم هذه الأيام المباركات ؟
أيها السادة : اغتنموا هذه الأيام والساعات والأنفاس قبل أن يأتي يوم لا ينفع فيه الندم قبل أن يأتي يوم ويقول المرء منا: أُريدُ أن أرجع إلى الدنيا فأعمل صالحًا ,فالغنيمة الغنيمة قبل انقضاء الأعمار والمبادرةَ المبادرةَ بالعمل قبل انتهاء الأعمال، والعجل العجل قبل هجوم الأجل، وقبل أن يندم المفرّط على ما فعل، وقبل أن يسأل الرجعة فلا يُجاب إلى ما سأل، قبل أن يحول الموت بين المؤمِّل وبلوغ الأمل، قبل أن يصير المرء محبوسًا في حفرته بما قدَّم من عمل.
أولها : بادر قبل أن تبادر بادر بالتوبة والرجوع إلى علام الغيوب وستير العيوب والتخلص مِنْ كُلِّ الْمَعَاصِي جُمْلَةً وَتَفْصِيلًا، فإذا اجتمع للمسلم توبة نصوح مع أعمال فاضلة في أزمنة فاضلة فهذا عنوان الفلاح. قال تعالى: (فَأَمَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَىٰ أَن يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ) (القصص:67)و باب التوبة مفتوح لا يغلق أبدًا في كل وقت وحين ما لم تطلع الشمس من مغربها وما لم تصل الروح إلى الحلقوم كما قال النبي المختار rفي حديث ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:( إِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ)رواه الترمذي
و أبشر:فما دمت في وقت المهلة فباب التوبة مفتوح لقول المصطفي r (إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا ) رواه مسلم ,بل قال المختار rكما في صحيح مسلم من حديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَحْكِي عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ:” أَذْنَبَ عَبْدٌ ذَنْبًا فَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي فَقَالَ تَبَارَكَ وَتعالى أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ فَقَالَ أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي فَقَالَ تَبَارَكَ وَتعالى :عَبْدِي أَذْنَبَ ذَنْبًا فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ فَقَالَ أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي فَقَالَ تَبَارَكَ وَتعالى أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ اعْمَلْ مَا شِئْتَ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكَ). قَالَ عَبْدُ الْأَعْلَى: لَا أَدْرِي أَقَالَ فِي الثَّالِثَةِ أَوْ الرَّابِعَةِ:( اعْمَلْ مَا شِئْتَ).
اغتنم هذه الأيام : وابتعد عن النار: بالصيام عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “من صامَ يومًا في سبيلِ اللَّهِ باعدَ اللَّهُ بذلِكَ اليومِ النَّارَ من وجْهِهِ سبعينَ خريفًا ))رواه ابن ماجه. وعَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ تِسْعَ ذِي الْحِجَّةِ) رواه أبو داود وغيره وقد ذهب إلى استحباب صيام العشر الإمام النووي وقال: صيامها مستحب استحبابًا شديدًا وخاصة صوم يوم عرفة لغير الحاج، فقد ثبت عن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ؟ فَقَالَ: يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ) رواه مسلم .
اغتنم هذه العشر بالتكبير والتهليل والتحميد والتسبيح وذكر الله على كل حال فعن ابْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ صلى الله عليه وسلم: مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ وَلَا أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعَمَلُ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ، فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ)) رواه أحمد وقال البخاري كان ابن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهما يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرها,وكانَ عُمَرُ رضيَ اللهُ عنهُ يُكَبِّرُ في قُبَّتِهِ بمنًى فيَسْمَعُهُ أهلُ المسجدِ، فيُكبِّرُونَ ويُكبِّرُ أهلُ الأسواقِ حتَّى تَرْتَجَّ مِنًى تكبيرًا) رواه البخاري. واجعل لسانك رطبا دائمًا بذكر الله: ففي الترمذي أن رجلا قال يا رسول الله إن شرائع الإسلام قد كثرت علي وأنا قد كبرت فأخبرني بشيء أتشبث به قال: “لا يزال لسانك رطبًا بذكر الله تعالى”.
اغتنم هذه العشر : بأداء مناسك الحج والعمرة للمستطيع ,وهما أفضل ما يعمل في عشر ذي الحجة، ومن يسر الله له حج بيته أو أداء العمرة على الوجه المطلوب فجزاؤه الجنة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم(العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة)متفق عليه.
اغتنم هذه العشر : بذبح الأضاحي تقربًا إلى الله وإحياءً لسنة أبينا إبراهيم عليه السلام ولفعل وقول نبينا صلى الله عليه وسلم كما في حديث عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: مَا عَمِلَ آدَمِيٌّ مِنْ عَمَلٍ يَوْمَ النَّحْرِ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ مِنْ إِهْرَاقِ الدِّمَاءِ؛ إِنَّهَا لَتَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقُرُونِهَا وَأَشْعَارِهَا وَأَظْلَافِهَا، وَإِنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنَ اللَّهِ بِمَكَانٍ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ مِنَ الْأَرْضِ، فَطِيبُوا بِهَا نَفْسًا))
وممــــــا زادني فخـــــــــرًا وتيهـــــــًا وكـــــدت بأخمــــــــــصي أطــــأ الثــــــــــريـا
دخولي تحت قولك يا عبادي وأن صــــــــــــــــــــــــــــــــــــيَّرت أحمد لي نبيـــــــًا
أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم لي ولكم
الخطبة الثانية
الحمد لله ولا حمد إلا له وبسم الله ولا يستعان إلا به وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ …………………… وبعد
اغتنم هذه العشر بالاجتهاد في الأعمال الصالحة كلها: من استغفار وقراءة للقرآن وصدقة وصلة الأرحام والأقارب وإفشاء السلام وإطعام الطعام والإصلاح بين الناس والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ـ وحفظ اللسان والفرج والإحسان إلى الجيران ـ وإكرام الضيف ـ والإنفاق في سبيل الله ـ وإماطة الأذى عن الطريق ويبقى باب العمل الصالح أوسع مما ذُكِر، فأبواب الخير كثيرة لا تنحصر، ومفهوم العمل الصالح واسع شامل يتضمن كل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة، فالعمل الصالح شعار المؤمنين الموحدين
أيها السادة : العمل الصالح طريق المؤمنين وشعار الموحدين، والعمل الصالح أعم وأوسع من أن نحصره في باب العبادات وحدها ، بل إنه يشمل كل عمل صالح ، فيشمل أداء الفرائض والتقرب إلى الله عز وجل بالنوافل ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “ إِنَّ اللَّهَ قَالَ:“ مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ وَمَا تَقَرَّبَ إلى عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إلى مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلى بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ“ متفق عليه ,والعمل الصالح يشمل الذكر وقراءة القرآن والتسبيح والتهليل والتكبير يقول نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم) : “ إنَّ أبوابَ الخيرِ لكثيرةٌ: التَّسبيحُ والتَّحميدُ والتَّكبيرُ والتَّهليلُ والأمرُ بالمعروفِ والنَّهيُ عنِ المنكَرِ وتُميطُ الأذى عن الطَّريقِ وتُسمِعُ الأصَمَّ وتَهدي الأعمى وتدُلُّ المستدِلَّ على حاجتِه وتسعى بشدَّةِ ساقَيْكَ مع اللَّهفانِ المستغيثِ وتحمِلُ بشدَّةِ ذراعَيْكَ مع الضَّعيفِ فهذا كلُّه صدقةٌ منك على نفسِك ” رواه ابن حبان
ويتسع العمل الصالح ليشمل عمارة الدنيا بالدين، وكل ما فيه صالح البلاد والعباد من بناء المستشفيات، والمدارس، وتعبيد الطرق، ورعاية اليتيم، وإطعام الفقراء، وقضاء حوائج الناس، وكل ما ينصلح به حال الناس في أمور دينهم ودنياهم، وقد مر على النبيِّ (صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ) رجلٌ فرأى أصحابُ النبيِّ (صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ) من جلَدِه ونشاطِه فقالوا: يا رسولَ اللهِ لو كان هذا في سبيلِ اللهِ؟! فقال رسولُ اللهِ (صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ): إنْ كان خرج يسعى على ولدِه صغارًا فهو في سبيلِ اللهِ وإن كان خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيلِ اللهِ وإنْ كان خرج يسعى على نفسِه يعفُّها فهو في سبيلِ اللهِ وإنْ كان خرج يسعى رياءً ومفاخرةً فهو في سبيلِ الشيطانِ” . رواه الطبراني في الكبير
فالبدار البدر بالخير والأعمال الصالحة قبل فوات الأوان!! لقول النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ “بَادرُوا بِالْأَعْمَالِ فِتناً كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا وَيُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا يَبِيعُ دِينَهُ بِعرْض من الدُّنْيَا” رواه مسلم فهذه بغيه على عهد بني إسرائيل رأت كلباً يلهث عطشاً فسقت المرأة الكلب فغفر الله لها الذنوب )) ولله در القائل :
إذا كانت الرحمة بالكلاب *** تغفر الخطايا للبغايا
فكيف تصنع الرحمة *** بمن وحد رب البرايا
وسأل الفضيل بن عياض رجلا ً قائلا له: كم عمرك؟ فقال: ستون سنة، فقال الفضيل: يوشك أن تصل. قال الرجل إنا لله وإنا إليه راجعون، فقال الفضيل للرجل: هل عرفت معناها؟ قال نعم عرفت أني لله عبد، وأني إلى الله راجع، فقال الفضيل: من عرف أنه لله عبد وأنه إلى الله راجع عرف أنه موقوف، ومن عرف أنه موقوف عرف أنه مسئول، ومن عرف أنه مسئول، فليعد للسؤال جوابًا فقال الرجل: يا فضيل ما الحيلة؟ فقال يسيرة، قال ما هي يرحمك الله؟ فقال الفضيل: أن تتقي الله فيما بقي يغفر الله لك ما قد مضي وما قد بقي؟ اعرف قدر وقتك وشرف زمانك وحقيقة عمرك وحقيقة ساعات أيامك فعد الليلة إلى الله قبل فوات الأعمار واسمع إلى العزيز الغفار وهو ينادى ((قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)) [الزمر:53. فاستَكثِروا أيها الأخيار من فعْل الخيرات، وسابقوا إلى عمل الطاعات، واملأوا صحائفكم بالباقيات الصالحات، ويا هذا نَفَسُك معدود، وعمرك محسوب، فكم أملت أملاً، وانقضي الزمان وفاتك، ولا أراك تفيق حتى تلقي وفاتك. فاحذر ذلل قدمك، وخف طول ندمك، واغتنم حياتك قبل موتك كما قال المصطفىeفي الحديث الذي رواه ابن أبي الدنيا والحاكم والبيهقي وهو حديث صحيح ((اغتنم خمسًا قبل خمس، حياتك قبل موتك وصحتك قبل سقمك وفراغك قبل شغلك، وشبابك قبل هرمك وغناك قبل فقرك) ولله در القائل:
دقات قلب المرء قائلـــةٌ له *** إن الحياة دقـــــائق وثوان
فارفع لنفسك قبل موتك ذكرها *** فالذكر للإنسان عمر ثان
عباد الله: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ [النحل: 90]، وَأَقِمِ الصَّلاةَ، إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ، وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.
كتبه العبد الفقير إلى عفو ربه
د/ محمد حرز إمام بوزارة الأوقاف
____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف